Sunday, July 22, 2018

سرمد


سرمد

 

في الحانة التي  يتسرب البخار اليها من محل مجاور يختص بكي الثياب العتيقة اتذوق طعما رطبا جدا يكسو حلق الغياب كلما اخذت رشفة من فمها و هي تضرب سهامها في المرآة المقعرة

في تلك الحانة كنت ارى كل السوائل السرمدية  غير المتقطعة  و هي تندلع على ركتبي كأنها حمم تتمرن على تشكيل العالم من جديد في حضني

في قعر المرآة السحيق  كنت اراها تغتسل و تتكسر كأنها جرة يسيل منها العسل كمن يخرج للدنيا من بوابة الاخرة طريا معذبا و شقيا قرب سكة حديد ينمو على جانبيها عشب و زهر و حبات قمح هربن في الصيف الفائت من حقول بعيدة.

دعْ ماءَ النعمةِ ان يتبرجَ عند خروج الخيل للحربْ، كبنتٍ في رواية شهيرة جعلتْ الرواي يجهش كلما خسر بطلا اصيلا فشل بان يكوّن فراغا مناسبا للشجرة التي تبحث عمن زرعها لتشكره فلا تجد غير ظلها يمسّد ترابا تقف عليه في وجه الريح

 

Saturday, July 21, 2018

بيكاسو في دمشق


بيكاسو في دمشق

1
السيدة التي تزور القبور كل شتاء
اسلاكُ مظلتها قفصي الصدري
 تبحث عن معنى
آخر للرجم
و تجزُّ العشب في الربيع
كي تحصد قمحي
كل يوم
تحصل على آخر سرير
فوق هذه الارض
شجرتين و بدني

 
2
بالسكّر الناعم ترشين الهواء و الخبز المقلي
و تتحركين في المطبخ
كأن قدميك تهرس شمع العسل
تهرس قلبي
فتبكي عروق الذهب و شراين فخار مشوي ليلة البارحة
فتجلسين و اكون بيكاسو
يفركُّ الدراق ليرسم طاقةً صغيرةً يفوح منها الريحان
لكنني حزين
اكتب عنكِ كطالبٍ في الصف العاشر
لم يعرفْ الميتافيزيقيا بعد
اكتب عن وجهك الجميل
عن عينيك اللوزتين
عن تسريحة شعرك
عن كنزة الصوف
و انت هناك تُدلِّكين قدميكِ بماء النهر
 
 

خرائط الملح

1

الجنائزُ التي ترصفُ شارعَ المقبرةِ كلَّ يومٍ

هي مسيراتٌ سلمية

ضجَّ الاقحوان في نوفمبر

عندما اكلتكَ النارُ ... و فرَّ الفراشُ اليكَ

فلم تكن مثالا جيدا للجيران

علَّبتَ صهيلَ الجيادِ
بالعتادِ
و رحتَ تبحثُ عمّن يقطنُ قربَ التلةِ

تريدُ تفسيرا غيرَ جائرٍ للبقع المالحة التي على ساعديكَ

فتُقسمُ للغريبِ بالوردةِ

ان السرَّ الذي عرفتَه عن شجرةِ الدّفلى

مازال طيَ الريحِ التي تمرُّ في الوادي

 

2

أخذتُ ظليَ معي و اشتريتُ له كرسيا متحركا

فلم يبكِ عليَّ انما اقترحَ أنْ اركبَ خلفهُ و نذهبُ الى البحيرة

أخذتُ دفاتري معي

حتى الاغاني حزمتُها

عدّدتُ له خسارتي و نمتُ لأرى في الليل كلَّ الذين فرّوا

مثلي

فجالستُ الكبرياء على وجه التحديد

و لم يكن غيرُ الهواءِ و ظلي ثالثنا

مرر كفه اليمنى دون استعلاء على كتفي

و قال: انت صورتي

 

3

سربُ الأوزِ الذي أخذَ من قميصيَ وضلعيَّ السائبينِ شراعاً

 يمخر خرائط الملح
يعدد مدنا سريعة لا يجتمع فيها الاهل

كل العالم ليس لك

فأنتَ مرتبك و غير منتم
الجاهل
يقتني
الشمعدان

و يخسر كل يوم إصبعاً

4

بعد العاشرة ليلا

كمن يتدرب على فعل واحد كل يوم

هنا قرب الماء المحاصر بالغابات

اتفقد المقاعد الحجرية و بقايا نصل القمر

هنا في لب ليلة الاحد من كل اسبوع

اجتاز غرفة حارس مشغول بالالعاب الحديثة

افترش ظهري وراحتي

و ذكرياتي

5

علقّتُ قنديلي على شجرة
دخلتُ كهف مسراتي

احنّي يديّ بالمطر و التراب

استجرتُ بصخرة بابه

كطفل تركته امه وقت الغارة

فجرا نامت بنات اوى

عند سدرة المنتهى

و عتبة مرآتكْ

يونس عطاري.

 

تموز 2018 / تورنتو / كندا